فقدت الساحة الفنية المصرية والعربية رمزاً من رموز الغناء الشعبي، بوفاة الفنان الكبير أحمد عدوية عن عمر ناهز 79 عاماً، بعد معاناة طويلة مع المرض.
عدوية، الذي وُلد في صعيد مصر منتصف الأربعينيات تحت اسم “أحمد مرسي العدوي”، كان الابن الثالث عشر بين 14 أخاً وأختاً، وترعرع في بيئة متواضعة.
بداية صعبة وحب للموسيقى
منذ صغره، أظهر عدوية شغفاً كبيراً بالموسيقى والغناء، إلا أن عائلته لم تتقبل طموحه، مما أدى إلى طرده ومقاطعته من قبلهم. اضطر للعمل في مهن شاقة، مثل خدمة الزبائن في المقاهي، إلى جانب العمل مع فرق موسيقية ناشئة.
لكن القدر أتاح له فرصة ذهبية عندما تولى الموسيقار عبده داغر دعمه وتعليمه، لتبدأ رحلته الفنية التي سرعان ما صنعت له مكانة متميزة في عالم الفن الشعبي.
نجاح مدوٍ مع “السح الدح امبو”
حقق عدوية شهرته الكبيرة مع أغنية “السح الدح امبو”، التي كانت نقطة تحول في مسيرته الفنية. حصل على 15 جنيهاً فقط نظير تسجيلها، لكن النجاح الساحق دفعه للمطالبة بمزيد من الأجر، وهو ما حصل عليه لاحقاً.
الطريف أن هوية كاتب وملحن الأغنية لم تكن مؤكدة، ورغم أنها قدمت سابقاً بصوت الفنان محمود شكوكو، فإن نجاحها الحقيقي تحقق مع عدوية.
علاقة مميزة مع العندليب عبد الحليم حافظ
تميزت مسيرة عدوية بعلاقته الخاصة مع عبد الحليم حافظ، الذي أبدى إعجابه الكبير بفنه. تحدث عدوية في أحد اللقاءات التلفزيونية عن زياراته المنتظمة لمنزل العندليب برفقة فرقة موسيقية صغيرة، حيث كان عبد الحليم يتدرب على أغانيه ويغنيها.
وعن جملة “كركشنجي دبح كبشه”، وصفها عبد الحليم بـ”الصعبة”، لكنه لم يتردد في تقديمها معه. وفي عام 1972، شهد حفل زفاف في فندق هيلتون لحظة تاريخية عندما غنى العندليب أغنية “السح الدح امبو” إلى جانب عدوية، بينما رد الأخير بأداء أغنية “خسارة خسارة” تكريماً لعبد الحليم، مما أشعل أجواء الحفل بشكل غير مسبوق.
إرث لا يُنسى
برحيل أحمد عدوية، تفقد الأغنية الشعبية أحد عمالقتها الذين تركوا بصمة خالدة في الذاكرة الفنية، فعدوية لم يكن مجرد مغنٍ شعبي، بل كان رمزاً للنجاح رغم الصعوبات، وصوتاً متفرداً أضفى على الفن الشعبي نكهة خاصة.