دراسة جديدة تربط الإفراط في تناول الدواجن بزيادة خطر الوفاة وسرطانات الجهاز الهضمي

نتائج مفاجئة تناقض المعتقدات الشائعة

في نتائج قد تُحدث صدمة في الأوساط الطبية والغذائية، كشفت دراسة حديثة أُجريت في جنوب إيطاليا عن علاقة محتملة بين الاستهلاك المفرط للحوم الدواجن وزيادة خطر الوفاة الناتجة عن جميع الأسباب، فضلاً عن ارتفاع معدلات الإصابة بسرطانات الجهاز الهضمي، بحسب ما أورده موقع Healthline نقلًا عن دورية Nutrients الطبية.

وتتعارض هذه النتائج بشكل واضح مع ما هو متعارف عليه طبيًا منذ سنوات، إذ تعتبر الدواجن عادةً خيارًا صحيًا للبروتين الحيواني، وتُعد من ركائز النظام الغذائي المتوسطي المعروف بفوائده للقلب والوقاية من الأمراض.

استهلاك مفرط.. ومخاطر غير متوقعة

أظهرت نتائج الدراسة أن تناول أكثر من 300 غرام من الدواجن أسبوعيًا قد يرتبط بزيادة خطر الوفاة بنسبة 27% مقارنة بمن يتناولون 100 غرام أو أقل. كما ارتبطت الكمية ذاتها بزيادة خطر الإصابة بسرطانات الجهاز الهضمي بنسبة 2.3%، وبلغت النسبة بين الرجال المشاركين 2.6%.

ويأتي هذا التحذير رغم أن التوصيات الغذائية الأميركية 2020-2025 توصي بتناول 700 غرام من البروتين أسبوعيًا، دون قيود واضحة على أنواع اللحوم، بما في ذلك الدواجن.

دواجن تحت المجهر

يُنظر إلى اللحوم الحمراء والمصنعة منذ سنوات على أنها أحد العوامل المؤدية للإصابة بالسرطان، وفقًا لصندوق أبحاث السرطان العالمي، إلا أن الدواجن لم تكن مدرجة ضمن هذه القائمة حتى الآن، وهو ما يجعل نتائج الدراسة مثيرة للاهتمام والتساؤل.

وفي هذا السياق، وصف دكتور نيلش فورا، المدير الطبي لمعهد ميموريال كير تود للسرطان في كاليفورنيا، الدراسة بأنها «مثيرة للتفكير»، مؤكدًا أنها قد تكون المرة الأولى التي تُطرح فيها الدواجن البيضاء كعامل خطر محتمل للإصابة بأمراض سرطانية في الجهاز الهضمي.

تحفّظ علمي ودعوات للتريث

ورغم أهمية النتائج، شكك بعض المتخصصين في دقتها. فقد أعرب الدكتور أنطون بيلشيك، رئيس قسم الطب بمعهد بروفيدنس سانت جون للسرطان، عن دهشته من النتائج، مشيرًا إلى وجود كم هائل من الأدلة على فوائد النظام الغذائي المتوسطي، الذي يعتمد جزئيًا على الدواجن، في الوقاية من أمراض القلب والسرطان. وقال إن النتائج «مثيرة للقلق» لكنها تحتاج إلى دراسات تفصيلية أكثر لتأكيدها.

خبراء تغذية: دواجن أفضل من اللحوم الحمراء

من جانبها، أوضحت خبيرة التغذية ميشيل روثنشتاين أن الدواجن لا تزال خيارًا صحيًا مقارنة باللحوم الحمراء، لكونها أقل في الدهون المشبعة وتنتج كميات أقل من مركب TMAO المرتبط بتصلب الشرايين وأمراض السرطان. لكنها شددت في الوقت نفسه على ضرورة إجراء المزيد من الأبحاث لفهم آليات العلاقة التي طرحتها الدراسة.

نقاط غامضة وأسئلة مفتوحة

الدراسة لم توضّح مصدر الدواجن المستهلكة، سواء كانت طبيعية أم صناعية، وهو ما يفتح باب التساؤل حول دور المبيدات الحشرية أو المضادات الحيوية والهرمونات المستخدمة في تربية بعض الدواجن تجاريًا، والتي قد تترك آثارًا طويلة الأمد على الصحة العامة.

وأشار الباحثون إلى أن عوامل مثل أسلوب الطهي، ودرجة حرارة الإعداد، وطول مدة التعرض للحرارة، وأنماط التغذية المصاحبة (مثل تناول الألياف أو الدهون)، قد تلعب دورًا في التأثير على صحة المستهلك.

فرضيات علمية قيد الدراسة

وفي تفسير أولي، رجّح بعض الأطباء أن بعض طرق طهي الدواجن قد تساهم في إطلاق مركبات كيميائية قد تكون مُسرطنة، خصوصًا في الوجبات الجاهزة التي تُحضّر بطرق صناعية قد تُغيّر من التركيب الكيميائي للحوم.

واختتم الخبراء بالتأكيد على أن الدراسة لا تُثبت العلاقة السببية المباشرة بين الدواجن والسرطان، لكنها تطرح فرضيات تستحق التوقف عندها وإجراء دراسات أوسع وأكثر دقة للتحقق من صحتها.

spot_img

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا