في صباح يوم الأربعاء، 14 مايو 2025، غيّب الموت نهاد الشامي، السيدة اللبنانية التي حظيت باهتمام واسع بعدما أصبحت الشاهدة الأشهر على معجزة شفاء خارقة ارتبطت باسم القديس شربل مخلوف. ورغم مرور أكثر من ثلاثة عقود على الحدث الاستثنائي الذي غيّر حياتها، ظلّت قصتها رمزًا حيًا لإيمان لا يتزعزع.
نهاد الشامي ويكيبيديا
بحسب المعلومات المتداولة، فإن نهاد الشامي رحلت عن عمر يناهز 59 إلى 60 عامًا، ما يعني أنها كانت من مواليد العام 1964 أو 1965 تقريبًا. وقد عُرفت لدى الكثيرين بشهادتها الحية عن الشفاء المعجزي الذي قلب حياتها رأسًا على عقب.
بداية القصة: من الشلل إلى الحياة
تنتمي نهاد الشامي إلى بلدة مزاريب في جبل لبنان، وكانت متزوجة وأمًا لاثني عشر ولدًا (سبعة أبناء وخمس بنات). وفي 9 يناير 1993، تعرضت لأزمة صحية حادة، حيث شعرت بضعف مفاجئ في أطرافها، وتيبّس كامل في الجهة اليسرى من جسمها، بالإضافة إلى فقدان السيطرة على ذراعها، وساقها، وفمها. تم نقلها على الفور إلى مستشفى القديسة ماريتيم في جبيل، وهناك شخص الأطباء حالتها بأنها تعاني من شلل نصفي نتيجة انسداد كبير في شرايين الدماغ.
الأطباء أعلنوا صراحة أنه لا علاج لحالتها، وأن الشفاء مستبعد، رغم وجود احتمالية ضئيلة للتدخل الجراحي لاحقًا. ظلت نهاد في المستشفى تسعة أيام، تحت مراقبة دقيقة، بينما لم يكن بيد عائلتها سوى التضرع إلى الله والقديسين.
ظهور القديس شربل… وبداية المعجزة
وفي لحظة فاصلة، لجأ ابنها الأكبر سعد إلى محبسة مار شربل في عنايا طالبًا شفاعته. عاد بزيت وتراب مقدسين من قبر القديس، ووضعتهما العائلة على جسد نهاد أثناء وجودها في المستشفى. حينها، بدأت تشعر بوخز غريب في أطرافها.
وبعد عودتها إلى المنزل، وفي ليلة 22 يناير 1993، شهدت نهاد حلمًا غيّر مسار حياتها بالكامل. رأت في المنام راهبين مارونيين، أحدهما – كما ظهر لاحقًا – القديس شربل، والآخر القديس مارون، يقومان بإجراء عملية جراحية على عنقها، فيما وضع أحدهما وسادة خلف ظهرها لتخفيف ألمها.
عند استيقاظها، لاحظت وجود جرحين جراحيين على جانبي الرقبة، والأهم من ذلك، أنها استردّت حركتها بالكامل، واستطاعت أن تمشي وتستخدم أطرافها وكأن شيئًا لم يكن.
رسالة القديس… التزام مدى الحياة
في الليلة التالية، ظهر القديس شربل مجددًا في حلمها، وأبلغها برسالة واضحة:
“أجريت لكِ العملية لتري الناس ويعودوا إلى إيمانهم. عليك زيارة محبستي في الثاني والعشرين من كل شهر، وحضور القداس لبقية حياتك.”
ومنذ ذلك التاريخ، تحوّلت قصة نهاد إلى قضية إيمانية ملهمة، فبدأ آلاف المؤمنين يتقاطرون إلى عنايا في الـ22 من كل شهر، للصلاة وحضور القداس، في مشهد بات جزءًا من الحياة الروحية في لبنان، وتحديدًا في محبسة مار شربل التي أصبحت ملتقى للحجاج من مختلف أنحاء العالم.
من الإيمان الشخصي إلى الرسالة العامة
تحوّل منزل نهاد في بلدة حالات – جبيل إلى مزار ديني مصغّر، يؤمه الناس للصلاة وطلب الشفاء. كما بُنيت كابيلا باسم القديس شربل قرب المنزل، تُقام فيها قداديس دورية، خاصة في عيد القديس شربل، في تقليد بات راسخًا بين محبي القديس.
ورغم أن نهاد لم تكن شخصية عامة أو إعلامية، فإن قصتها ذاعت على نطاق واسع، وشكّلت أحد أبرز الشهادات المعاصرة في سجل المعجزات الموثّقة للقديس شربل، وهو ما أكسبها احترامًا ومكانة روحية كبيرة في المجتمع اللبناني والمسيحي عمومًا.