في مشهد مهيب ومؤثر، شُيّع جثمان الفنان المصري سليمان عيد إلى مثواه الأخير عقب صلاة الجمعة، بعد أن وافته المنية عن عمر ناهز 64 عامًا، إثر تعرضه لأزمة قلبية مفاجئة، ليطوي بذلك صفحة فنية مشرقة امتدت لعقود، أضحك فيها قلوب ملايين المصريين والعرب.
صباح الجمعة 18 أبريل 2025، أعلن نجل الفنان الراحل، عبد الرحمن سليمان عيد، عبر صفحته على فيسبوك، خبر الوفاة الذي وقع كالصاعقة على محبيه وزملائه، في حين أكدت وسائل إعلام مصرية من بينها «بوابة الأهرام» الرسمية أن الوفاة جاءت نتيجة أزمة قلبية مفاجئة.
وكتب وزير الثقافة المصري، أحمد فؤاد هنو، نعيًا عبر الصفحة الرسمية للوزارة جاء فيه: «رحل عن دنيانا فنان متميز استطاع أن يترك بصمة واضحة مليئة بالبهجة في وجدان المشاهدين، بأدائه الشيق وعفويته التي عشقها جمهوره، فكان صوتًا صادقًا للبساطة المصرية».
كما نعت نقابة المهن التمثيلية الفنان الراحل في بيان رسمي، أعربت فيه عن خالص عزائها لأسرة الراحل، معتبرة أن الفن المصري فقد واحدًا من أطيب رموزه الكوميدية.
وتوالت كلمات الرثاء والتأبين من زملائه في الوسط الفني، حيث كتب الفنان أحمد السقا: «مع السلامة يا صاحبي، يا عشرة العمر، يا أطيب خلق الله»، وودعته الفنانة والإعلامية إسعاد يونس قائلة: «مع السلامة يا سُلُم، وجعت قلوبنا كلنا يا ألطف وأحن خلق الله».
أما الفنان كريم عبدالعزيز فوصفه بـ«الفنان المحبوب»، داعيًا له بالرحمة، فيما أعربت الفنانة دنيا سمير غانم عن عزائها لأسرته، ووصفته بـ«الفنان الخلوق»، وأكدت شقيقتها إيمي أنها لم تستوعب صدمة رحيله، قائلة: «ربنا يرحمك، ويغفر لك يا أطيب إنسان، وأكتر فنان بيضحكني».
ولد سليمان عيد في 1960 وتخرّج من المعهد العالي للفنون المسرحية، وبدأ مسيرته على خشبة المسرح، حيث شارك في مسرحيتين من كلاسيكيات الفنان الراحل سمير غانم: «فارس وبني خيبان» و«جحا يحكم المدينة»، قبل أن ينتقل تدريجيًا إلى عالم التلفزيون والسينما.
سطع نجمه بعد تأديته شخصية «العسكري» في فيلم «الإرهاب والكباب» إلى جانب الزعيم عادل إمام، الذي تعاون معه لاحقًا في عدة أعمال منها مسرحية «الزعيم»، وفيلمي «طيور الظلام» و«بخيت وعديلة».
كما كان أحد أبرز الوجوه الفنية ضمن ما يُعرف بـ«جيل هنيدي»، فشارك في أعمال ظلت راسخة في الذاكرة المصرية مثل «همام في أمستردام»، «عفروتو»، «الناظر»، «جواز بقرار جمهوري»، «أفريكانو»، «عسكر في المعسكر»، و«الباشا تلميذ» وغيرها.
ورغم أن أغلب أدواره كانت كوميدية، إلا أن أداءه كان يحمل دائمًا مسحة من العمق والصدق الإنساني، مما جعله حاضرًا حتى في أصغر الأدوار، كما في مسلسل «قهوة المحطة» الذي عُرض في رمضان الماضي.
لم تكن موهبته محصورة في السينما والمسرح، بل امتدت إلى مواقع التواصل الاجتماعي، حيث شكّل مع الفنان كريم محمود عبدالعزيز ثنائيًا كوميديًا ناجحًا من خلال مقاطع فيديو لاقت رواجًا كبيرًا، أعاد فيها تمثيل الأغاني الشعبية والمهرجانات بروح مرحة عفوية.
برحيله، يفقد الفن المصري أحد أصدق وجوهه وأكثرهم دفئًا وإنسانية، فنان لم يتوقف يومًا عن رسم الابتسامة، مهما صغر أو كبر دوره، ليبقى اسمه محفورًا في ذاكرة كل من ضحك يومًا على دعابة نطق بها بصوته الشعبي المحبب.
رحم الله سليمان عيد، وألهم محبيه وعائلته الصبر والسلوان.